الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية
.كِتَابُ الْوَقْفِ: .الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِهِ وَرُكْنِهِ وَسَبَبِهِ وَحُكْمِهِ وَشَرَائِطِهِ وَالْأَلْفَاظِ الَّتِي يَتِمُّ بِهَا الْوَقْفُ وَمَا لَمْ يَتِمَّ بِهَا: فَلَا يَكُونُ لَازِمًا وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَيَبِيعَ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِطَرِيقَتَيْنِ إحْدَاهُمَا قَضَاءُ الْقَاضِي بِلُزُومِهِ وَالثَّانِي أَنْ يَخْرُجَ مُخْرِجُ الْوَصِيَّةِ فَيَقُولَ أَوْصَيْت بَغْلَةِ دَارِي فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ الْوَقْفُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَعِنْدَهُمَا حَبْسُ الْعَيْنِ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى وَجْهٍ تَعُودُ مَنْفَعَتُهُ إلَى الْعِبَادِ فَيَلْزَمُ وَلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْعُيُونِ وَالْيَتِيمَةِ إنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا كَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ لِلنُّقَايَةِ وَإِنَّمَا يَزُولُ مِلْكُ الْوَاقِفِ عَنْ الْوَقْفِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْقَضَاءِ وَطَرِيقُهُ أَنْ يُسَلِّمَ الْوَاقِفُ مَا وَقَفَهُ إلَى الْمُتَوَلِّي ثُمَّ يَرْجِعَ مُحْتَجِبًا بِعَدَمِ اللُّزُومِ فَيَقْضِي الْقَاضِي بِاللُّزُومِ فَيَلْزَمُ وَلَوْ حَكَّمَا رَجُلًا فَحَكَمَ الْحُكْمَ بِلُزُومِ الْوَقْفِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ خَافَ الْوَاقِفُ إبْطَالَ وَقْفَةِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الْقَضَاءُ يَذْكُرُ فِي صَكِّ الْوَقْفِ إنْ أَبْطَلَهُ قَاضٍ أَوْ وَالٍ فَهَذِهِ الْأَرْضُ بِأَصْلِهَا وَجَمِيعِ مَا فِيهَا وَصِيَّةٌ مِنِّي تُبَاعُ وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ إذَا تَدَاعَتْ إلَى الْخَرَابِ، فَلَا يُفِيدُ الْوَارِثَ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي وَإِبْطَالُهُ وَالْوَصِيَّةُ تَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: وَاَلَّذِي جَرَى الرَّسْمُ بِهِ فِي زَمَانِنَا أَنَّهُمْ يَكْتُبُونَ إقْرَارَ الْوَاقِفِ أَنَّ قَاضِيًا مِنْ الْقُضَاةِ قَضَى بِلُزُومِ هَذَا الْوَقْفِ فَذَاكَ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَعَنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ قَالَ إذَا كَتَبَ فِي آخِرِ الصَّكِّ وَقَدْ قَضَى بِصِحَّةِ هَذَا الْوَقْفِ وَلُزُومِهِ: قَاضٍ مِنْ قَضَاهُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يُسَمِّ الْقَاضِيَ يَجُوزُ، قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ فِي تَعْلِيقِهِ بِالْمَوْتِ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَكِنْ عِنْدَهُ تَكُونُ رَقَبَتُهَا مِلْكًا لِوَرَثَتِهِ أَوْ لَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا تَكُونُ مِلْكًا لِأَحَدِهِمَا كَمَا فِي الْإِعْتَاقِ وَالْمَسْجِدِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. وَلَوْ عَلَّقَ الْوَقْفَ بِمَوْتِهِ بِأَنْ قَالَ: إذَا مِتُّ فَقَدْ وَقَفْتُ دَارِي عَلَى كَذَا ثُمَّ مَاتَ صَحَّ وَلَزِمَ إذَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ يَجُوزُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَيَبْقَى الْبَاقِي إلَى أَنْ يَظْهَرَ لَهُ مَالٌ آخَرُ أَوْ تُجِيزُ الْوَرَثَةُ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ آخَرُ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ تُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثُهَا لِلْوَقْفِ وَالثُّلُثَانِ لِلْوَرَثَةِ وَلَوْ عَلَّقَهُ بِالْمَوْتِ وَهُوَ مَرِيضٌ مَرَضَ الْمَوْتِ فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ وَإِنْ لَمْ نُجِزْ الْوَقْفَ فِي الْمَرَضِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ فِيمَا ذَكَرَهُ الطَّحْطَاوِيُّ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُنَجَّزِ فِي الصِّحَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَلْزَمُ وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُ مِنْ الثُّلُثِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِذَا كَانَ الْمِلْكُ يَزُولُ عِنْدَهُمَا يَزُولُ بِالْقَوْلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَعَلَى هَذَا مَشَايِخُ بَلْخٍ وَفِي الْمُنْيَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: يُفْتَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. فَصَحَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقْفُ الْمُشَاعِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَكَذَا جَعْلُ الْوِلَايَةِ لِنَفْسِهِ يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَا شَرْطُ الْوَاقِفِ الِاسْتِبْدَالَ بِأَرْضٍ أُخْرَى إذَا شَاءَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ لِلنُّقَايَةِ وَإِذَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْوَاقِفِ بِالْقَضَاءِ عِنْدَهُ وَبِمُجَرَّدِ الْوَقْفِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَهُوَ الْمُخْتَارُ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. فَأَمَّا رُكْنُهُ فَالْأَلْفَاظُ الْخَاصَّةُ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَأَمَّا سَبَبُهُ فَطَلَبُ الزُّلْفَى هَكَذَا فِي الْعِنَايَةِ. وَأَمَّا حُكْمُهُ فَعِنْدَهُمَا زَوَالُ الْعَيْنِ عَنْ مِلْكِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حُكْمُهُ صَيْرُورَةُ الْعَيْنِ مَحْبُوسَةً عَلَى مِلْكِهِ بِحَيْثُ لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ عَنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ وَالتَّصَدُّقُ بِالْغَلَّةِ الْمَعْدُومَةِ مَتَى صَحَّ الْوَقْفُ بِأَنْ قَالَ: جَعَلْت أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً مُؤَبَّدَةً أَوْ أَوْصَيْت بِهَا بَعْدَ مَوْتِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ حَتَّى لَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ وَلَا يُورَثُ عَنْهُ لَكِنْ يُنْظَرُ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ وَالْوَقْفُ فِيهِ بِقَدْرِ الثُّلُثِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَأَمَّا شَرَائِطُهُ (فَمِنْهَا الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ) فَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. صَبِيٌّ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَقَفَ أَرْضًا لَهُ فَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ: وَقْفُهُ بَاطِلٌ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو الْقَاسِمِ: وَقْفُهُ بَاطِلٌ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَمِنْهَا الْحُرِّيَّةُ) وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ فَلَوْ وَقَفَ الذِّمِّيُّ عَلَى وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْمَسَاكِينِ جَازَ وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ الْمَسَاكِينَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلَ الذِّمَّةِ وَإِنْ خَصَّ فِي وَقْفِهِ مَسَاكِينَ أَهْلِ الذِّمَّةِ جَازَ وَيَفْرُقُ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس مِنْهُمْ إلَّا إنْ خَصَّ صِنْفًا مِنْهُمْ فَلَوْ دَفَعَ الْقِيَمَ إلَى غَيْرِهِمْ كَانَ ضَامِنًا وَلَوْ قُلْنَا: إنَّ الْكُفْرَ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ ثُمَّ لِلْفُقَرَاءِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ وَلَدِهِ فَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الصَّدَقَةِ لَزِمَ شَرْطُهُ وَكَذَا إنْ قَالَ مَنْ انْتَقَلَ إلَى غَيْرِ النَّصْرَانِيَّةِ خَرَجَ اُعْتُبِرَ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْخَصَّافُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ نَصْرَانِيٌّ وَقَفَ ضَيْعَةً لَهُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ كَمَا هُوَ الرَّسْمُ فَأَسْلَمَ بَعْضُ أَوْلَادِهِ يُعْطَى لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً فِي ذَاتِهِ وَعِنْدَ التَّصَرُّفِ لَا يَصِحُّ وَقْفُ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ عَلَى الْبِيعَةِ وَالْكَنِيسَةِ أَوْ عَلَى فُقَرَاءِ أَهْلِ الْحَرْبِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَلَوْ وَقَفَ الذِّمِّيُّ دَارِهِ عَلَى بَيْعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ أَوْ بَيْتِ نَارٍ فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَا عَلَى إصْلَاحِهَا وَدَهْنِ سِرَاجِهَا وَلَوْ قَالَ: يُسَرَّجُ بِهِ بَيْتُ الْمَقْدِسِ، أَوْ يُجْعَلُ فِي مَرَمَّةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ جَازَ وَإِنْ قَالَ: يُشْتَرَى بِهِ عُبَيْدٌ فَيُعْتَقُ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَلَى مَا شَرَطَ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ قَالَ: تَجْرِي غَلَّتُهَا عَلَى بَيْعَةِ كَذَا فَإِنْ خَرِبَتْ هَذِهِ الْبِيعَةُ كَانَتْ الْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَإِنَّهُ تَجْرِي غَلَّتُهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلَا يُنْفَقُ عَلَى الْبِيعَةِ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ وُقِفَ عَلَى أَبْوَابِ الْبِرِّ فَأَبْوَابُ الْبِرِّ عِنْدَهُ عِمَارَةُ الْبَيْعِ وَبُيُوتِ النِّيرَانِ وَالصَّدَقَةُ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَأُجِيزَ مِنْ ذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَأَبْطَلَ غَيْرَهَا كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ قَالَ: تَفَرُّقُ غَلَّتُهَا فِي جِيرَانِهِ وَلَهُ جِيرَانٌ مُسْلِمُونَ وَجِيرَانٌ نَصَارَى وَيَهُودٌ وَمَجُوسٌ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَالْوَقْفُ جَائِزٌ وَتُفَرَّقُ غَلَّةُ الْوَقْفِ فِي جِيرَانِهِ الْمُسْلِمِينَ وَالنَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ وَإِنْ قَالَ الذِّمِّيُّ: تُجْعَلُ غَلَّتُهَا فِي أَكْفَانِ الْمَوْتَى أَوْ فِي حَفْرِ الْقُبُورِ فَهُوَ جَائِزٌ وَتُصْرَفُ الْغَلَّةُ فِي أَكْفَانِ مَوْتَاهُمْ وَحَفْرِ قُبُورِ فُقَرَائِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ جَعَلَ ذِمِّيٌّ دَارِهِ مَسْجِدًا لِلْمُسْلِمِينَ وَبَنَاهُ كَمَا بَنَى الْمُسْلِمُونَ وَأَذَّنَ لَهُمْ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّوْا ثُمَّ مَاتَ فِيهِ يَصِيرُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ وَهَذَا قَوْلُ الْكُلِّ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَلَوْ جَعَلَ الذِّمِّيُّ دَارِهِ بَيْعَةً أَوْ كَنِيسَةً أَوْ بَيْتَ نَارٍ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ يَصِيرُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ وَهَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الزِّيَادَاتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. حَرْبِيٌّ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ وَوَقَفَ جَازَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجُوزُ مِنْ الذِّمِّيِّ كَذَا فِي الْحَاوِي. (وَمِنْهَا) الْمِلْكُ وَقْتَ الْوَقْفِ حَتَّى لَوْ غَصَبَ أَرْضًا فَوَقَفَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِكِهَا وَدَفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ أَوْ صَالَحَ عَلَى مَالٍ دَفَعَهُ إلَيْهِ لَا تَكُونُ وَقْفًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ رَجُلٌ وَقَفَ أَرْضًا لِرَجُلٍ آخَرَ فِي بَرٍّ سَمَّاهُ ثُمَّ مَلَكَ الْأَرْضَ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ أَجَازَ الْمَالِكُ جَازَ عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَوْصَى الرَّجُلُ بِأَرْضٍ فَوَقَفَهَا الْمُوصَى لَهُ بِهَا فِي الْحَالِ ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي لَا تَكُونُ وَقْفًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَوْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ فِيهَا فَوَقَفَهَا ثُمَّ أَجَازَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ لَمْ يَجُزْ الْوَقْفُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثُمَّ أَسْقَطَ الْخِيَارَ صَحَّ وَلَوْ وَقَفَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَرْضَ قَبْلَ قَبْضِهَا ثُمَّ قَبَضَهَا لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ كَذَلِكَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ وُهِبَتْ لَهُ أَرْضٌ هِبَةً فَاسِدَةً فَقَبَضَهَا ثُمَّ وَقَفَهَا صَحَّ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ دَارًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهَا ثُمَّ وَقَفَهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ جَازَ وَتَصِيرُ وَقْفًا عَلَى مَا وَقَفَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِلْبَائِعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ وَقَفَهَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ اشْتَرَى أَيْضًا شِرَاءً جَائِزًا وَوَقَفَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَنَقَدَ الثَّمَنَ فَالْأَمْرُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ أَدَّى الثَّمَنَ وَقَبَضَهَا فَالْوَقْفُ جَائِزٌ وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا تُبَاعُ الْأَرْضُ وَيَبْطُلُ الْوَقْفُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: وَبِهِ نَأْخُذُ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْوَقْفُ بَطَلَ وَلَوْ جَاءَ شَفِيعُهَا بَعْدَ وَقْفِ الْمُشْتَرِي بَطَلَ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْمِلْكِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقْفُ الْإِقْطَاعَاتِ إلَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مَوَاتًا أَوْ كَانَتْ مِلْكًا لِلْإِمَامِ فَأَقْطَعَهَا الْإِمَامُ رَجُلًا وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقْفُ أَرْضِ الْحَوْزِ لِلْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ لَهَا وَتَفْسِيرُ الْحَوْزِ أَرْضٌ عَجَزَ صَاحِبُهَا عَنْ زِرَاعَتِهَا وَأَدَاءِ خَرَاجِهَا فَدَفَعَهَا إلَى الْإِمَامِ لِتَكُونَ مَنَافِعُهَا جَبْرًا لِلْخَرَاجِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَكَذَا عَدَمُ جَوَازِ وَقْفِ الْمُرْتَدِّ مِنْ رِدَّتِهِ إنْ قُتِلَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ مَاتَ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ يَزُولُ بِهَا زَوَالًا مَوْقُوفًا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَكَذَا إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِلِحَاقِهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ أَسْلَمَ صَحَّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ بَطَلَ وَقْفُهُ ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَيَصِيرُ مِيرَاثًا سَوَاءٌ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ أَمْ مَاتَ أَوْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ إلَّا إنْ عَادَ الْوَقْفُ بَعْدَ عَوْدِهِ إلَى الْإِسْلَامِ كَمَا أَوْضَحَهُ الْخَصَّافُ فِي آخِرِ الْكِتَابِ. وَيَصِحُّ وَقْفُ الْمُرْتَدَّةِ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى نَسْلِهِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ ثُمَّ ارْتَدَّ بَطَلَ الْوَقْفُ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْمَسَاكِينِ تَبْطُلُ وَيَصِيرُ صَدَقَةً عَلَى وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ جَعَلَ آخِرَهُ لِلْمَسَاكِينِ كَذَا فِي الْحَاوِي. وَأَمَّا عَدَمُ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ كَالرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ فَلَوْ آجَرَ أَرْضًا عَامَيْنِ فَوَقَفَهَا قَبْلَ مُضِيِّهِمَا لَزِمَ الْوَقْفُ بِشَرْطِهِ وَلَا يَبْطُلُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ فَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ رَجَعَتْ الْأَرْضُ إلَى مَا جَعَلَهُ لَهُ مِنْ الْجِهَاتِ وَكَذَا لَوْ رَهَنَ أَرْضَهُ ثُمَّ وَقَفَهَا قَبْلَ أَنْ يَفْتِكَهَا لَزِمَ الْوَقْفُ وَلَا تَخْرُجُ عَنْ الرَّهْنِ بِذَلِكَ، وَلَوْ أَقَامَتْ سِنِينَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ أَفْتَكَّهَا فَتَعُودُ إلَى الْجِهَةِ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الِافْتِكَاكِ وَتَرَكَ قَدْرَ مَا تُفْتَكُ بِهِ اُفْتُكَّتْ وَلَزِمَ الْوَقْفُ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً بِيعَتْ وَبَطَلَ الْوَقْفُ. وَفِي الْإِجَارَةِ إذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُؤَاجِرَيْنِ تَبْطُلُ وَتَصِيرُ وَقْفًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ دَيْنٍ كَذَا أَطْلَقَهُ الْخَصَّافُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَيَنْبَغِي إذَا كَانَ وَقَفَهَا فِي الْحَجْرِ لِلسَّفَهِ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ لِجِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ أَنْ يَصِحَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَعِنْدَ الْكُلِّ إذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (وَمِنْهَا) عَدَمُ الْجَهَالَةِ فَلَوْ وَقَفَ مِنْ أَرْضِهِ شَيْئًا وَلَمْ يُسَمِّهِ كَانَ بَاطِلًا وَلَوْ وَقَفَ جَمِيعَ حِصَّتِهِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَلَمْ يُسَمِّ السِّهَامَ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ وَقَفَ هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ هَذِهِ الْأَرْضَ وَبَيَّنَ وَجْهَ الصَّرْفِ كَانَ بَاطِلًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ قَالَ الْخَصَّافُ: إذَا قَالَ: جَعَلْتُ هَذِهِ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلَّهِ تَعَالَى أَبَدًا أَوْ عَلَى قَرَابَتِي فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ عَلَى شَكٍّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: جَعَلْتُهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلَّهِ تَعَالَى أَبَدًا عَلَى زَيْدٍ أَوْ عَلَى عَمْرٍو وَمِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى الْمَسَاكِينٍ فَهُوَ أَيْضًا بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ وَقَفَ أَرْضًا فِيهَا أَشْجَارٌ وَاسْتَثْنَى الْأَشْجَارَ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَثْنِيًا لِلْأَشْجَارِ بِمَوَاضِعِهَا فَيَصِيرُ الدَّاخِلُ تَحْتَ الْوَقْفِ مَجْهُولًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ مُنَجَّزًا غَيْرَ مُعَلَّقٍ فَلَوْ قَالَ: إنْ قَدِمَ وَلَدِي فَدَارِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَجَاءَ وَلَدُهُ لَا تَصِيرُ وَقْفًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ إنْ كَانَ غَدٌ فَأَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ إنْ شِئْتُ أَوْ هَوَيْتُ أَوْ رَضِيتُ، كَانَ الْوَقْفُ بَاطِلًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَالَ: إنْ شِئْتُ وَجَعَلْتُهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً، صَحَّ بِهَذَا الْكَلَامِ الْمُتَّصِلِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ، وَقَالَ فُلَانٌ: قَدْ شِئْتُ فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: إنْ كَانَتْ هَذِهِ الدَّارُ فِي مِلْكِي فَهِيَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ التَّكَلُّمِ صَحَّ الْوَقْفُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِشَرْطٍ كَائِنٍ تَنْجِيزٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ ذَهَبَ عَنْهُ الْمَالُ قَالَ: إنْ وَجَدْتُهُ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَقِفَ أَرْضِي فَوَجَدَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقِفَ أَرْضَهُ عَلَى مَنْ يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ فَإِنْ وَقَفَ عَلَى مَنْ لَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الزَّكَاةِ لَهُ صَحَّ الْوَقْفُ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: إذَا قَدِمَ فُلَانٌ، وَإِذَا كَلَّمْتُ فُلَانًا فَأَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ فَإِنَّ هَذَا يَلْزَمُهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْيَمِينِ وَالنَّذْرِ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْأَرْضِ وَلَا يَكُونُ وَقْفًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَقَدْ وَقَفْتُ أَرْضِي هَذِهِ، لَا يَصِحُّ بَرِئَ أَوْ مَاتَ وَإِنْ قَالَ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَاجْعَلُوا أَرْضِي وَقْفًا جَازَ وَالْفَرْقُ أَنَّ هَذَا تَعْلِيقُ التَّوْكِيلِ بِالشَّرْطِ وَذَلِكَ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. (وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَذْكُرَ مَعَهُ اشْتِرَاطَ بَيْعِهِ وَصَرْفِ الثَّمَنِ إلَى حَاجَتِهِ فَإِنْ قَالَهُ لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ فِي الْمُخْتَارِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. (وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَلْتَحِقَ بِهِ خِيَارُ شَرْطٍ فَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَعْلُومًا كَانَ الْوَقْتُ أَوْ مَجْهُولًا وَاخْتَارَهُ هِلَالٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَيَصِحُّ شَرْطُ الْخِيَارِ لِلْوَاقِفِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ لِلنُّقَايَةِ وَإِنْ قَالَ: أَبْطَلْتُ الْخِيَارَ، لَا يَنْقَلِبُ الْوَقْفُ جَائِزًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَهُ هِلَالٌ فِي وَقْفِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي النَّوَازِلِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ اتَّخَذَ مَسْجِدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ جَازَ الْمَسْجِدُ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. (وَمِنْهَا) التَّأْبِيدُ وَهُوَ شَرْطٌ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ وَلَكِنْ ذِكْرُهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْكَافِي. رَجُلٌ وَقَفَ دَارِهِ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ وَقْتًا مَعْلُومًا وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ جَازَ الْوَقْفُ وَيَكُونُ الْوَقْفُ مُؤَبَّدًا وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ شَهْرًا، فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ كَانَ الْوَقْفُ بَاطِلًا فِي الْحَالِ فِي قَوْلِ هِلَالٍ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَجُوزُ إلَّا مُؤَبَّدًا فَإِذَا كَانَ التَّأْبِيدُ شَرْطًا لَا يَجُوزُ مُؤَقَّتًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ بَعْدَ مَوْتِي سَنَةً وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ جَازَ الْوَقْفُ مُؤَبَّدًا عَلَى الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْوَصِيَّةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُلَانٍ سَنَةً بَعْدَ مَوْتِي فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ كَانَ وَصِيَّةً لِفُلَانٍ بَعْدَ مَوْتِهِ سَنَةً ثُمَّ يَصِيرُ وَصِيَّةً لِلْمَسَاكِينِ فَتُصْرَفُ غَلَّتُهَا إلَى الْمَسَاكِينِ وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُلَانٍ سَنَةً بَعْدَ مَوْتِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الْغَلَّةَ تَكُونُ لِفُلَانٍ سَنَةً، ثُمَّ بَعْدَ سَنَةٍ تَكُونُ لِلْوَرَثَةِ وَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَجْعَلَ الْأُجْرَةَ لِجِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ أَبَدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُ هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ يَصِحُّ وَإِنْ سَمَّى جِهَةً تَنْقَطِعُ وَيَكُونُ بَعْدَهَا لِلْفُقَرَاءِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِمْ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْوَاقِفِ أَنْ يَكُونَ أَجْرُهُ لِلْفُقَرَاءِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِمْ فَكَانَتْ تَسْمِيَةُ هَذَا الشَّرْطِ ثَابِتَةً دَلَالَةً كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمَحِلُّ عَقَارًا أَوْ دَارًا فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ الْمَنْقُولِ إلَّا فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. .فَصْلٌ فِي الْأَلْفَاظِ الَّتِي يَتِمُّ بِهَا الْوَقْفُ وَمَا لَا يَتِمُّ بِهَا: أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَمَا دَامَ حَيًّا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ نَذْرًا بِالتَّصَدُّقِ بِالْغَلَّةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَفِيَ بِذَلِكَ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ مَعْنَى الْوَصِيَّةِ وَهُوَ قَوْلُهُ مِنْ بَعْدِ وَفَاتِي لَكِنَّهُ إنْ لَمْ يَرْجِعْ جَازَ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ قَالَ: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ مُؤَبَّدَةٌ جَازَ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ إلَّا أَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَحْتَاجُ إلَى التَّسْلِيمِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَكُونُ نَذْرًا بِالصَّدَقَةِ بِغَلَّةِ الْأَرْضِ وَيَبْقَى مِلْكُ الْوَاقِفِ عَلَى حَالِهِ لَوْ مَاتَ يَكُونُ مِيرَاثًا عَنْهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ أَوْ صَدَقَةٌ مَحْبُوسَةٌ أَوْ حَبِيسَةٌ، وَلَمْ يَقُلْ: مُؤَبَّدَةٌ فَإِنَّهُ يَصِيرُ وَقْفًا عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ مَنْ يُجِيزُ الْوَقْفَ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ تَثْبُتُ مُؤَبَّدَةً لَا تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ، وَقَالَ الْخَصَّافُ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ لَا يَصِيرُ وَقْفًا؛ لِأَنَّ جَوَازَ الْوَقْفِ يَتَعَلَّقُ بِالتَّأْبِيدِ وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ تَصِيرُ وَقْفًا بِإِجْمَاعٍ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمَسَاكِينِ ذِكْرٌ لِلتَّأْبِيدِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَجْهِ الْبِرِّ أَوْ عَلَى وَجْهِ الْخَيْرِ أَوْ وُجُوهِ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ يَكُونُ وَقْفًا جَائِزًا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الصَّدَقَةَ لَكِنْ ذَكَرَ الْوَقْفَ وَقَالَ: أَرْضِي هَذِهِ وَقْفًا أَوْ مَوْقُوفَةٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: وَمَشَايِخُ بَلْخٍ يَفْتُونَ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَنَحْنُ نُفْتِي بِقَوْلِهِ أَيْضًا لِمَكَانِ الْعُرْفِ هَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْفُقَرَاءَ أَمَّا إذَا ذَكَرَ فَقَالَ: أَرْضِي هَذِهِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَكَذَا فِي الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ يَكُونُ وَقْفًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَا عِنْدَ هِلَالٍ؛ لِأَنَّهُ زَالَ الِاحْتِمَالُ بِالتَّنْصِيصِ عَلَى الْفُقَرَاءِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ: هِيَ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى أَبَدًا جَازَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الصَّدَقَةَ وَتَكُونُ وَقْفًا عَلَى الْمَسَاكِينِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَذِكْرُ الْوَقْفِ لِوَحْدِهِ أَوْ الْحَبْسِ مَعَهُ يَثْبُتُ بِهِ الْوَقْفُ عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَلَوْ قَالَ: حَرَّمْت أَرْضِي هَذِهِ أَوْ وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: هَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَقَوْلِهِ: مَوْقُوفَةٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فِي الْفَتَاوَى لَوْ قَالَ: مَوْقُوفَةٌ مُحَرَّمَةٌ حَبِيسٌ مُحَرَّمَةٌ لَا تُبَاعُ وَلَا تُورَثُ وَلَا تُوهَبُ كُلُّ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ وَالْمُخْتَارُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَلَوْ قَالَ: الْحَبِيسُ صَدَقَةٌ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلَةِ: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُلَانٍ أَوْ عَلَى وَلَدِي أَوْ فُقَرَاءَ قَرَابَتِي وَهُمْ يُحْصُونَ أَوْ عَلَى الْيَتَامَى وَلَمْ يُرِدْ بِهِ جِنْسَهُ لَا تَصِيرُ وَقْفًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى شَيْءٍ يَنْقَطِعُ وَيَنْقَرِضُ وَلَا يَتَأَبَّدُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَصِحُّ؛ لِأَنَّ التَّأْبِيدَ عِنْدَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إنْ قَالَ: أَرْضِي أَوْ دَارِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُلَانٍ أَوْ عَلَى أَوْلَادِ فُلَانٍ، فَالْغَلَّةُ لَهُمْ مَا دَامُوا أَحْيَاءً وَبَعْدَ الْمَمَاتِ تُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَوْ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى تَصِيرُ وَقْفًا ذَكَرَ الْأَبَدَ أَمْ لَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَذَا إذَا قَالَ: مَوْقُوفَةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لِطَلَبِ ثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَجْهِ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ جَازَ كَأَنَّهُ قَالَ: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ لِلسَّبِيلِ فَإِنْ كَانَ فِي بَلْدَةٍ تَعَارَفُوا مِثْلَ هَذَا وَقْفًا صَارَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا وَإِنْ لَمْ يَتَعَارَفُوا يُسْأَلُ مِنْهُ إنْ أَرَادَ بِهِ الْوَقْفَ فَهِيَ وَقْفٌ وَإِنْ نَوَى الصَّدَقَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا تَكُونُ نَذْرًا فَيَتَصَدَّقُ بِهَا أَوْ بِثَمَنِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: جَعَلْتهَا لِلْفُقَرَاءِ إنْ كَانَ ذَلِكَ وَقْفًا فِي تَعَارُفِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ كَانَتْ وَقْفًا وَإِنْ لَمْ يُرْجَعْ إلَيْهِ بِالْبَيَانِ فَإِنْ نَوَى وَقْفًا كَانَتْ وَقْفًا وَإِنْ نَوَى صَدَقَةً أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا تَكُونُ نَذْرًا بِالتَّصَدُّقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. السَّرَخْسِيِّ. لَوْ قَالَ: ضَيْعَتِي هَذِهِ سَبِيلٌ لَمْ تَصِرْ وَقْفًا إلَّا إذَا كَانَ الْقَائِلُ مِنْ نَاحِيَةٍ يَعْلَمُ أَهْلُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ بِهَا الْوَقْفَ الْمُؤَبَّدَ بِشُرُوطِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: سَبَّلْت هَذِهِ الدَّارَ فِي وَجْهِ إمَامِ مَسْجِدِ كَذَا عَنْ جِهَةِ صَلَوَاتِي وَصِيَامَاتِي تَصِيرُ وَقْفًا وَإِنْ لَمْ يَقَعْ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ قَالَ: دَارِي هَذِهِ مُسَبَّلَةٌ إلَى الْمَسْجِدِ بَعْدَ مَوْتِي يَصِحُّ إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ وَعَيَّنَ الْمَسْجِدَ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ قَالَ: جَعَلْت حُجْرَتِي هَذِهِ لِدَهْنِ سِرَاجِ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: تَصِيرُ الْحُجْرَةُ وَقْفًا عَلَى الْمَسْجِدِ إذَا سَلَّمَهَا إلَى الْمُتَوَلِّي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ فِي مَرَضِهِ: اشْتَرُوا مِنْ غَلَّةِ دَارِي هَذِهِ كُلَّ شَهْرٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ خُبْزًا وَفَرِّقُوا عَلَى الْمَسَاكِينِ صَارَتْ الدَّارُ وَقْفًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَفِي النَّوَازِلِ جَعَلْت نَزْلَ كَرْمِي وَقْفًا وَكَانَ فِيهِ ثَمَرٌ أَوْ لَا يَصِيرُ الْكَرْمُ وَقْفًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: جَعَلْت غَلَّتَهُ وَقْفًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ قَالَ: وَقَفْت بَعْدَ مَوْتِي أَوْ أَوْصَى أَنْ يُوقَفَ بَعْدَ مَوْتِهِ يَصِحُّ وَيَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَفِي وَقْفِ هِلَالٍ إذَا أَوْصَى أَنْ يُوقَفَ بِثُلُثِ أَرْضِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ لِلَّهِ أَبَدًا كَانَ وَصِيَّةً بِالْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي وَقْفٌ وَلَمْ يَزِدْ قَالَ أَبُو نَصْرٍ: إنْ كَانَ مَالُهُ نَقْدًا فَبَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ ضِيَاعًا فَجَائِزٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَقِيلَ: الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِلَا بَيَانِ الْمَصْرِفِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ. وَفِي الْفَتَاوَى رَجُلٌ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ كَانَ نَذْرًا بِالتَّصَدُّقِ حَتَّى لَوْ تَصَدَّقَ بِعَيْنِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ جَازَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ: تَصَدَّقْت بِأَرْضِي هَذِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ لَا تَكُونُ وَقْفًا بَلْ نَذْرًا يُوجِبُ التَّصَدُّقَ بِعَيْنِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا فَإِنْ فَعَلَ خَرَجَ عَنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ وَإِلَّا وُرِثَتْ عَنْهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي عَلَى الصَّدَقَةِ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ النَّذْرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ عَلَى وُجُوهِ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَقْفًا بَلْ نَذْرًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ: جَعَلْت غَلَّةَ دَارِي هَذِهِ لِلْمَسَاكِينِ يَكُونُ نَذْرًا بِالتَّصَدُّقِ بِالْغَلَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا قَالَ: جَعَلْت هَذِهِ الدَّارَ لِلْمَسَاكِينِ فَهُوَ نَذْرٌ بِالتَّصَدُّقِ بِالدَّارِ عَلَى الْمَسَاكِينِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَلَوْ قَالَ: صَدَقَةٌ لَا تُبَاعُ، يَكُونُ نَذْرًا بِالصَّدَقَةِ لَا وَقْفًا وَلَوْ زَادَ وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُورَثُ صَارَتْ وَقْفًا عَلَى الْمَسَاكِينِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. .الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَجُوزُ وَقْفُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ وَفِي وَقْفِ الْمُشَاعِ: وَأَمَّا وَقْفُ الْمَنْقُولِ مَقْصُودًا فَإِنْ كَانَ كُرَاعًا أَوْ سِلَاحًا يَجُوزُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ إنْ كَانَ شَيْئًا لَمْ يَجْرِ التَّعَارُفُ بِوَقْفِهِ كَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا وَإِنْ كَانَ مُتَعَارَفًا كَالْفَأْسِ وَالْقُدُومِ وَالْجِنَازَةِ وَثِيَابِهَا وَمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْأَوَانِي وَالْقُدُورِ فِي غَسْلِ الْمَوْتَى وَالْمَصَاحِفِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: يَجُوزُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُمْ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَلَوْ جَعَلَ جِنَازَةً وَمُلَاءَةً وَمُغْتَسَلًا يُقَالُ بِالْفَارِسِيَّةِ حَوْضُ مَسِّينِ وَقْفًا فِي مَحِلِّهِ فَمَاتَ أَهْلُهَا كُلُّهُمْ لَا يُرَدُّ إلَى الْوَرَثَةِ بَلْ يُحْمَلُ إلَى مَكَان آخَرَ أَقْرَبَ إلَى هَذِهِ الْمَحَلَّةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ثُمَّ وَقْفُ الْمُصْحَفِ إذَا وَقَفَهُ عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ يَقْرَءُونَهُ إنْ يُحْصَوْنَ يَجُوزُ وَإِنْ وَقَفَ عَلَى الْمَسْجِدِ يَجُوزُ أَنْ يَقْرَأَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ وَذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لَا يَكُونُ مَقْصُورًا عَلَى هَذَا الْمَسْجِدِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وَقْفِ الْكُتُبِ جَوَّزَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا جَعَلَ ظَهْرَ دَابَّتِهِ أَوْ غَلَّةَ عَبْدِهِ فِي الْمَسَاكِينِ لَا يَصِحُّ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ وَقَفَ بَقَرَةً عَلَى أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ لَبَنِهَا وَسَمْنِهَا وَشِيرَازِهَا يُعْطَى أَبْنَاءَ السَّبِيلِ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ تَعَارَفُوا ذَلِكَ جَازَ كَمَا يَجُوزُ مَاءُ السِّقَايَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَا يَجُوزُ وَقْفُ فَحْلِ الْبَقَرِ وَغَيْرِهِ لِيَنِزُّوا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَفِي الْوَاقِعَاتِ ذَكَرَ هِلَالٌ الْبَصْرِيُّ فِي وَقْفِهِ وَقْفُ الْبِنَاءِ مِنْ غَيْرِ وَقْفِ الْأَصْلِ لَمْ يَجُزْ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَكَذَلِكَ وَقْفُ الكردار بِدُونِ وَقْفِ الْأَصْلِ لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَجُوزُ وَقْفُ الْبِنَاءِ فِي أَرْضٍ هِيَ إعَارَةٌ أَوْ إجَارَةٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ وَقْفَ حَوَانِيتِ الْأَسْوَاقِ يَجُوزُ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ بِإِجَارَةٍ فِي أَيْدِي الَّذِينَ بَنَوْهَا لَا يُخْرِجُهُمْ السُّلْطَانُ عَنْهَا وَبِهِ عُرِفَ جَوَازُ وَقْفِ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. الْبُقْعَةُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَى جِهَةٍ إذَا بَنَى رَجُلٌ فِيهَا بِنَاءً وَوَقَفَهَا عَلَى تِلْكَ الْجِهَةِ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ تَبَعًا لَهَا، فَإِنْ وَقَفَهَا عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَإِذَا غَرَسَ شَجَرَةً وَوَقَفَهَا بِمَوْضِعِهَا مِنْ الْأَرْضِ صَحَّ تَبَعًا لِلْأَرْضِ بِحُكْمِ الِاتِّصَالِ وَإِنْ وَقَفَهَا دُونَ أَصْلِهَا لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَتْ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ فَوَقَفَهَا عَلَى تِلْكَ الْجِهَةِ جَازَ كَمَا فِي الْبِنَاءِ وَإِنْ وَقَفَهَا عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى فَعَلَى الِاخْتِلَافِ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَقْفُ الْغِلْمَانِ وَالْجَوَارِي عَلَى مَصَالِحِ الرِّبَاطِ يَجُوزُ، وَلَوْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ جَارِيَتَهُ يَجُوزُ وَعَبْدَهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ، وَلَوْ زَوَّجَ عَبْدَ الْوَقْفِ مِنْ أَمَةِ الْوَقْفِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَأَمَّا وَقْفُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بِالْإِتْلَافِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ فَغَيْرُ جَائِزٍ فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، وَالْمُرَادُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ وَمَا لَيْسَ بِحُلِيٍّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَوْ وَقَفَ دَرَاهِمَ أَوْ مَكِيلًا أَوْ ثِيَابًا لَمْ يَجُزْ وَقِيلَ فِي مَوْضِعٍ تَعَارَفُوا ذَلِكَ يُفْتَى بِالْجَوَازِ قِيلَ: كَيْفَ؟ قَالَ الدَّرَاهِمُ تُقْرَضُ لِلْفُقَرَاءِ ثُمَّ يَقْبِضُهَا أَوْ تُدْفَعُ مُضَارَبَةً بِهِ وَيَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ. وَالْحِنْطَةُ تُقْرَضُ لِلْفُقَرَاءِ يَزْرَعُونَ ثُمَّ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ وَالثِّيَابُ وَالْأَكْسِيَةُ تُعْطَى لِلْفُقَرَاءِ لِيَلْبَسُوهَا عِنْدَ حَاجَتِهِمْ ثُمَّ تُؤْخَذُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ الْأَدْوِيَةِ إلَّا إذَا قَالَ: عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ وَتَدْخُلُ الْأَغْنِيَاءُ تَبَعًا كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. ذَكَرَ النَّاطِفِيُّ إذَا وَقَفَ مَالًا لِإِصْلَاحِ الْمَسَاجِدِ يَجُوزُ، وَإِنْ وَقَفَ لِبِنَاءِ الْقَنَاطِرِ أَوْ لِإِصْلَاحِ الطَّرِيقِ أَوْ لِحَفْرِ الْقُبُورِ وَاِتِّخَاذِ السِّقَايَاتِ وَالْخَانَاتِ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ لِشِرَاءِ الْأَكْفَانِ لَهُمْ لَا يَجُوزُ وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. .وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَا يَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَمَا لَا يَدْخُلُ إلَّا بِهِ: وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ الثَّمَرَةَ لَا تَدْخُلُ فِي وَقْفِ الْأَشْجَارِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ: جَعَلْت أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً بِحُقُوقِهَا وَجَمِيعَ مَا فِيهَا ثَمَرَةً قَائِمَةً يَوْمَ الْوَقْفِ، قَالَ هِلَالٌ فِي الِاسْتِحْسَانِ: يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثَّمَرَةِ الْقَائِمَةَ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لَا عَلَى وَجْهِ الْوَقْفِ بَلْ عَلَى وَجْهِ النَّذْرِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْ الثَّمَرَةِ بَعْدَ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ يُصْرَفُ إلَى الْوُجُوهِ الَّتِي سَمَّى فِي الْوَقْفِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ بَعْدَ وَفَاتِي عَلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ غَلَّاتِهَا فَهُوَ لِعَبْدِ اللَّهِ فَمَاتَ الْوَاقِفُ وَفِيهَا ثَمَرَةٌ قَائِمَةٌ قَالَ: لَا تَكُونُ الثَّمَرَةُ لِعَبْدِ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ وَجَبَ لَهُ الْوَقْفُ فَصَارَ كَأَنَّهُ وَقَفَ الْأَرْضَ وَفِيهَا ثَمَرَةٌ قَائِمَةٌ فَلَا تَدْخُلُ الثَّمَرَةُ الْمَوْجُودَةُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْوَقْفِ ثُمَّ ذَكَرَ صَاحِبُ الْكِتَابِ هَهُنَا فِي الْقِيَاسِ الثَّمَرَةَ الْقَائِمَةَ لِلْوَرَثَةِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَبِالِاسْتِحْسَانِ نَأْخُذُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: إنْ كَانَ لَفْظُ الْوَاقِفِ بِهَذَا الْقَدْرِ الَّذِي ذَكَرْنَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِلْوَرَثَةِ عَلَى كُلٍّ فِي الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ رَدَّ الْوَقْفَ إلَى مَا بَعْدَ الْوَفَاةِ وَالْأَرْضُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ لَمْ تَصِرْ وَقْفًا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ حَدَثَتْ هَذِهِ الثَّمَرَةُ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ فَتَكُونُ مِلْكًا لِوَرَثَتِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَقَفَ أَرْضًا وَفِيهَا زَرْعٌ لَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ فِي الْوَقْفِ سَوَاءٌ كَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ أَمْ لَمْ تَكُنْ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ الْخَصَّافُ: وَلَوْ كَانَ فِيهَا بَقْلٌ أَوْ رَيَاحِينُ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ وَلَوْ كَانَ فِيهَا قَصَبٌ وَغَيْضَةٌ أَوْ خِلَافٌ فَمَا يُقْطَعُ فِي كُلِّ سَنَةٍ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ وَمَا كَانَ يُقْطَعُ فِي كُلِّ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. كَذَا مَا يُثْمِرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَأَمَّا الرِّطَابُ فَمَا كَانَ مِنْ رُطَبِهِ قَدْ طَلَعَتْ فَهُوَ لِلْوَاقِفِ وَمَا كَانَ مِنْ أُصُولِ ذَلِكَ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْوَقْفِ وَكَذَلِكَ الْبَاذِنْجَانُ وَالْقُطْنُ إلَّا أَنْ تَكُونَ شَجَرَةُ الْقُطْنِ تُجَزُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ بَصَلُ الْعَبْهَرِ وَالزَّعْفَرَانُ يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ، وَقَصَبُ السُّكْرِ لَا يَدْخُلُ، وَشَجَرَةُ الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ تَدْخُلَانِ فِي وَقْفِ الْأَرْضِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْوَرْدُ وَوَرَقُ الْحِنَّاءِ وَالْيَاسَمِينِ تَكُونُ لِلْوَاقِفِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالرَّحَى فِي الضَّيْعَةِ تَدْخُلُ فِي وَقْفِ تِلْكَ الضَّيْعَةِ رَحَى الْمَاءِ وَرَحَى الْيَدِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ الدَّوَالِيبُ تَدْخُلُ، وَالدَّوَالِي لَا تَدْخُلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيَدْخُلُ فِي وَقْفِ الْحَمَامِ الْقِدْرُ وَمَلْقَى سِرْقِينِهِ وَرَمَادَةِ وَلَا يَدْخُلُ مَسِيلُ مَاءٍ فِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ وَكَذَلِكَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. رَجُلٌ قَالَ: أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْ الشِّرْبَ وَالطَّرِيقَ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ الشِّرْبُ وَالطَّرِيقُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَا تُوقَفُ إلَّا لِلِاسْتِغْلَالِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْمَاءِ أَوْ الطَّرِيقِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي وَقْفِ الدَّارِ إذَا لَمْ يَذْكُرْ الدَّارَ بِحُقُوقِهَا وَلَا بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ لَهَا فِيهَا وَمِنْهَا مِنْ حُقُوقِهَا يَدْخُلُ مَا كَانَ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ. وَفِي وَقْفِ الْحَوَانِيتِ يَدْخُلُ مَا كَانَ يَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا، وَخَوَابِي الدَّبَّاسِينَ وَقُدُورُ الدَّبَّاغِينَ لَا تَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْبِنَاءِ أَمْ لَمْ تَكُنْ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَسُئِلَ نَصْرٌ عَمَّنْ وَقَفَ دَارًا فِيهَا حَمَامَاتٌ يَطِرْنَ وَيَرْجِعْنَ قَالَ: يَدْخُلُ فِي وَقْفِهِ الْحَمَامَاتُ الْأَهْلِيَّةُ كَذَا فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ. وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ وَقَفَ بُرْجَ حَمَامٍ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ جَائِزًا؛ لِأَنَّ الْحَمَامَاتِ وَإِنْ كَانَتْ مَنْقُولَةً إلَّا أَنَّهَا تَصِيرُ وَقْفًا تَبَعًا لِلْبَيْتِ كَمَا لَوْ وُقِفَتْ ضَيْعَةٌ بِمَا فِيهَا مِنْ الثِّيرَانِ وَالْعَبِيدِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَفَ بَيْتًا فِيهِ كُوَّارَاتُ الْعَسَلِ يَجُوزُ وَتَصِيرُ النَّحْلُ تَبَعًا لِلْبَيْتِ وَالْعَسَلِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُوقَفَ الْبَيْتُ وَالْبُرْجُ بِمَا فِيهِ مِنْ النَّحْلِ وَالْحَمَامِ كَمَا لَوْ وَقَفَ الْعَبِيدَ مَعَ الْأَرْضِ وَالثِّيرَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
|